آبل تشارك تفاصيل وجهك مع التطبيقات، فهل هناك ما يستدعي القلق؟

اكتشف وتسوق أفضل مجموعة من المنتجات التقنية وأسلوب الحياةواحصل على خصم 10% على طلبك الأول من متجر سماعة باستخدام الكوبون

TECH1

كُلنا نتذكّر الضجّة التي أحدثتها آبلApple بعد أن أقدمت على أزالة مدخل السّماعات السلكيّة من جهازيها iPhone 7 وiPhone 7 Plus، وها هي تُثيرُ الجدلَ مرّة أخرى بعد مُؤتمرها الذي عقدته في أيلول من عام 2017 والذي أعلنت خلاله استغنائها عن مُستشعر البصمة واستبداله بتنقيّة جديدة كُليّاً تتمثّلُ بإلغاء قفل الجهاز من خلال التّعرف على وجه المُستخدم مُطلقةً عليها اسم “Face ID”.

هل هذه التّقنية جديدة فعلاً؟

في الواقع، تقنيّة إلغاء قفل الجهاز بصورة الوجه ليست بالأمر الجديد، فلقد رأيناها منذُ سنوات على الكثير من الأجهزة العاملة بنظام أندرويد، لكنّ آبل قد حملت هذه التّقنية إلى مُستوى مُختلفٍ تماماً، حيثُ أنّ جهازها الأخير “iPhone X” مُجهز بعتادٍ يُمكّنه من إجراء مسحٍ ثُلاثيّ الأبعاد للوجه، فإلى جانب ما عهدنا رُؤيته في القسم الأماميّ العلويّ من الأجهزة الذكيّة، يضمّ هذا الجهاز الجديد حسّاساتٍ ومكوّناتٍ أخرى تُضيءُ وجهك بالأشعة تحت الحمراء عند الحاجة، ومن ثُمّ تُسقط ثلاثين ألف نقطة على وجهك ليُسجّل الجهاز تلك النّقط مُجدّداً عن طريق كاميرا تلتقط الأشعة الحمراء، صانعاً خريطةً رقميّةً ثلاثيّةَ الأبعاد لوجهك؛ هكذا وباختصار شديد يُمكنكَ إلغاء قفل “iPhone X” في كُلّ مرة تنظر إليه.

تقنيّة مُذهلة وثوريّة من دون شك، مُجرّد المجهود الذي بذلته آبل لتركيب كُل المكونات اللازمة لتحقيقها في ذلك المكان الضيق تُرفع له القُبّعة، وانطلاقاً من هُنا أرادت الشّركة أن تُقدّم للمُستخدمين أفضل تجربة ممّا يمتلكون بين أيديهم فزوّدت الجهاز بالعديد من الميّزات الجديدة والعصريّة لعلّ أبرزها ما بات يُعرفُ باسم “Animoji” التي تُحوّلك إلى واحدٍ من بين اثني عشر رمزاً تعبيريّاً وذلك من خلال تتبع حركة أكثر من 50 عضلة وجهيّة.

كما هو حال كُلّ جديد في عالم التكنولوجيا، واجهت آبل كمّاً هائلاً من الانتقادات عمّا قدّمته، لاسيّما كونه مُتعلّقٌ بشكلٍ مُباشرٍ في حماية الهاتف حيثُ شكّك المُستخدمين في فعاليّة وأمان هذه التّقنيّة، الشكوك التي تعزّزت مع انتشار أخبارٍ تُفيدُ أنّ آبل تُشاركُ معلومات الوجه المُخزّنة مع العديد من التّطبيقات، فما مدى جديّة هذا الخبر، كيفَ يُمكُن أن يُؤثّر عليك كُمستخدم؟ ورُبما قد تبادرَ إلى ذهنك السُّؤال التّالي: ما الغاية أساساً من وراء إرسال صورة وجهي إلى التطبيقات أُخرى؟

بدايةً يجب عليك معرفة التّالي، هذا الجهاز مزوّدٌ بأدواتٍ قادرةٍ على مسح وجهك بكّافة تفاصيله وتحليل تعابيره وبالتالي تحديد مشاعرك فيُمكنهُ معرفة سواء كُنت فرحاً أم حزيناً مثلاً، وهو دقيقٌ لدرجة يُمكن من خلاله معرفة جنسك، عرقك، وحتّى تحديد توجّهك الجنسي.

لنفترض الآن أنّك كُنت تستخدم أحد التطبيقات التي تحتوي بداخلها على إعلانات، سيتمكن المُسوّقون من رُؤية تعابير وجهك ومعرفة شعورك حيال الإعلان الذي يُعرض أمامك على الشّاشة، الأمر مُجرّد افتراضات فهو بالطّبع ليس بهذه اليُسر كما أنّ التطبيقات لم تصل إلى كُل هذه الصّلاحيّات بعد، لكن هل تبذُل الشّركة جهداً كافياً لمنع هذا الأمر من الحدوث؟

كُلّنا نعرف التزام آبل المُطلق بحماية خُصوصيّة مُستخدميها، لذلك فهي من المُستحيل أن تبيع تلك المُعلومات لأيّ جهة كانت، كما أنّها أقدمت على القيام بخُطوةٍ رائعةٍ ألا وهي أنّ كُل تلك البيانات لن تُخزن إلّا ضمن الجهاز نفسه ولن يتم رفعها على أيّ سيرفر على الإنترنت.

قبل الحُكم على آبل، يجب علينا فهم ماهيّة البيانات التي يُخزنها الجهاز فهي نوعان، الأوّل منها مسؤولٌ عن إلغاء قفل الجهاز وأداء المهمات التي تتطلّب تأكيد هويّة صاحبه، بينما النوع الآخر فهو عبارة عن تمثيلٍ ثُلاثيّ الأبعاد للوجه وهو أشبه بقناعٍ سلكيّ مع إمكانية النّقل المُباشر لحركة الأجفان، الفم وغيرها من حركات ملامح الوجه والتي تُسبّبها أكثر من خمسين عضلة وهذه هي المعلومات التي تُتاح للمُطوّرين.

إنّ السّبب وراء إتاحة هذه المعلومات في المقام الأوّل يرجعُ إلى اهتمام القيّمين على آبل بما يُعرف بالواقع المُعزّز “AR” لذلك أُطلقَت منصّة “ARKit” التي تُمكّن المُطوّرين من تصميم تطبيقات مُتعلّقة بالواقع المُعزّز وبالتالي مكّنتهم من الوصول إلى البيانات الواردة إلى الجهاز ليتمكّنوا من الحصول على نموذجٍ مُبسّط عن الوجه، ونُكرّر أنّ هذه المعلومات مُختلفة تماماً عن تلك الي تُستخدم لإلغاء قفل الجهاز.

إن أردتُم التّحقّق ممّا ذكرناه، يُمكنكم تحميل تطبيق “MeasureKit” الذي سيُظهرُ لكُم المعلومات التي تسمح آبل بالحصول عليها، وقد صرّح مُبتكر التطبيق Rinat Khanov، أنّهُ بصدد العمل على تطويره ليسمحَ لك باستخراج هذا النّموذج فتتمكّن من طباعة نسخة ثُلاثيّة الأبعاد عن وجهك.

وسيبدو الشّكل كالتاّلي:

آبل تشارك معلومات الوجوه مع التطبيقات
آبل تشارك معلومات الوجوه مع التطبيقات

على الرُّغم من أنّ تلك المعلومات ليست ذات أهميّة كبيرة إن جازَ التّعبير، لكن مجرّد فكرة إمكانيّة الوصول إليها تُثير القلق وتفتحُ الباب على كمّ هائل من التّساؤلات، وكما قالت Fatemeh Khatibloo وهي مُحلّلةٌ في شركة “Forrester” للبحوث التّسويقيّة: “يا للهول، كيفَ يُمكن أن تُتاح هذه المعلومات لأي مطوّر بمجرد موافقته على بعض الشّروط؟”.

من هنا يأتي دور وأهميّة التنظيمات والقوانين التي تفرضها آبل على المُطوّرين والتي تمنعهم بموجبها من الوصول إلى تلك البيانات من دون إذن المُستخدم وموافقته المُطلقة على ذلك، كما أنّها تحظر بيعها أو استخدامها لأهدافٍ تسويقيّةٍ فضلاً عن مُطالبة المُطوّرين بنشر سياسة خصوصيّة.

لكن ماذا إن غفلَ أحدُ المطورين عن هذه البنود وجهل التزاماته تجاه المعلومات التي أصبحت بين يديه؟

الثّغرات الأمنيّة

على الرُّغم من كُل إجراءات الحماية التي تتخذها آبل، مازال من السّهل إيجاد الثّغرات فيه، فقد قال مُطوّر تطبيق “MeasureKit” بأنّهُ لم يجد الكثير من الصّعوبة خلال محاولاته في الوصول إلى تلك المعلومات، وكأنّ آبل لم تتكلّف بحمايتها بشكلٍ كبيرٍ، مُضيفاً أنّ التطبيق قد تمت مُراجعته بشكلٍ اعتيادي من دون أي شروط أو تدقيقات إضافيّة ناهيك عن أنّ التطبيق لا يمتلك سياسةً للخصوصيّة أيضاً، ويُبرّر Khanov ذلك، بأنّ آبل لم تطلُبها لأن التطبيق لا يُمكنهُ استخراج تلك المعلومات من الهاتف وتصديرها إلى جهاز خارجي.

بعد أن وُجّه السؤال حول الموضوع السّابق إلى آبل، قامت الأخيرة بالتّواصل مع Khanov وطلبت منهُ نشر سياسةً للخصوصيّة.

وقال Khanov : “لقد قالوا أنّهُم قد لاحظوا خطأ ويجبُ إصلاحه مُباشرةً.”

على الرُّغم من أنّ المُشكلة قد حُلّت، إلّا أنّ الأمر يطرح التّساؤل الأهم: ما مدى فعاليّة المُراقبة التي تُجريها آبل على هذه التّطبيقات؟ بكُل تأكيد الشّركة ستكشف أي انتهاك يتمّ من قبل التّطبيقات الكُبرى مثل Facebook لكن ماذا ستفعل حيال العدد الذي لا يُحصى من التطبيقات الأخرى الصّغيرة والجديدة.

والتزاماً بقواعد آبل، التطبيقات مُجبرة أن تُوضّحَ للمُستخدمين سبب وغايتها من استخدام الكاميرا، لكن على أرض الواقع عندما تُثبّت التطبيق، سينبثق إطارٌ يُخبركُ فقط بأنّ التطبيق سيمتلك الصلاحية للوصول إلى الكاميرا، لكنّه لن يُخبرك مثلاً بأنّه سيُسجل كُل حركة من تحرُّكاتك، وهنا يجب التنويه إلى أنّه عندما يُمنَح التطبيق صلاحيّةَ الوصول إلى الكاميرا الخلفيّة، فهو يُمنَحُ عملياً الصلاحيّة للوصول إلى الكاميرا الأماميّة أيضاً، فإعدادات الجهاز لا تُفرّقُ بين الكاميرا الخلفيّة والكاميرا الأماميّة بكُل الحساسات المُجاورة لها، فضلاً عن أنّ التطبيق سيُصبح قادراً على الوصول إلى وجهك في أيّ وقتٍ من الأوقات فأنت قد أعطيته الصّلاحيّة وهي غير مشروطة بوقتٍ مُحدّدٍ.

حلّ المُشكلة السّابقة سيستدعي إتاحة العديد من الخيارات والإخطارات التي قد تُربك المُستخدم أحياناً، لكنّها ضروريّة حقّاً فنحنُ هنا نتحدّث عن معلومات حسّاسة للغاية فهذه ليست كاميرا عاديّة أو شبيهة بتلك الموجودة على الحواسيب المحمولة التي يُمكنك تغطيتها بشريطٍ لاصقٍ عندما تُريد، فالاستغناء عن هذه الكاميرا ليسَ خياراً مطروحاً هنا، فهي بنهاية المطاف الطريقة الآمنة الوحيدة لإلغاء قفل الجهاز بعد قرار آبل بالتخلّي عن مُستشعر البصمة.

إذاً، لماذا لا نتوقف نهائيّاً عن استخدام تقنيّة التّعرف على الوجوه؟

تقنيّة اكتشاف الوجوه سلاح ذو حدّين، من المُمكن استخدامه بطريقة تُحسّن إلى حدٍّ بعيدٍ من تجربة المُستخدم، أو كما ذكرنا من الممكن أن تُلحق ضرراً كبيراً به وبأمنه.

على سبيل المثال، شركة واربي باركر Warby Parker، وهي شركة تبيع النّظارات على الإنترنت تستخدم تّقنية التّعرف على الوجوه لتُمكّنك من اختيار إطارٍ مُلائمٍ لوجهك وأنت في المنزل، كما هناك شركات تستخدم هذه التقنية لتطوير تطبيقات تُنبّه السائق في حال غطّ في النّوم على مقود السيّارة أو شُتَّت انتباهه لسببٍ من الأسباب.

يُمكن استخدام هذه التقنيّة في المُستشفيات أيضاً وذلك من خلال تطوير تطبيقات يُمكنها تحديد فيما كان الطفل يتألّم في حال كان عاجزاً عن التّعبير عمّا يشعر به.

وممّا ذكرناه نرى أهميّة استمرار البحث والتطوير في هذه التّقنيّة، لكن يجب القول أيضاً أنّهُ إن أُتيحت الفرصة لاستخدامها بشكلٍ سيءٍ، فبالطبع سيغتنم أحدٌ ما تلك الفرصة.

يُمكن أيضاً الدّمج بين بيانات الوجوه مع الذّكاء الاصطناعيّ لاستنباط معلومات لا يُمكن اكتشافها بالعين المُجرّدة حتّى، فعلى سبيل المثال، تمكّنت بعض الدّراسات الحديثة عبر استخدام الذّكاء الاصطناعي من التحديد وبدقّة التّوجه الجنسي لأشخاصٍ بالاعتماد على صورهم العاديّة فقط.

بالطبع هذه الدراسات وغيرها ما تزال في بداياتها، لكن لا يُمكننا الإنكار أنّ عالم التكنولوجيا يُحقّق قفزاتٍ مهولةً كلّ يوم.

ختاماً، لا أعتقدُ أنّ الأمر يستدعي كُل تلك الجلبة، فتقنيّة التّعرف على الوجوه مُستخدمة قبل إطلاق iPhone x حتّى، حيثُ أنّ فيسبوك وغوغل Google تستخدمانها في الصّور التي نرفعها على مُخدّماتهم، كما أنّ فيسبوك يعرضُ مُحتوىً يتناسب مع مشاعر المُستخدم ويقترح أسماءً للوجوه في الصور التي نرفعها أيضاً، وأنا أرى أنّ آبل قد قامت بخطوةٍ جريئةٍ ومُهمّةٍ جدّا، فكُل هذه التّقنيات قادمة لا محالة، وباتّخاذها المُبادرة، ستكون الشركة المُسيطرة عليها مُستقبلاً.

كما أنصحك عزيزي المُستخدم بالاستفادة والاستمتاع من التّقنية التي بين يديك مع أخذ الحيطة وتوخّي الحذر وذلك بالتّأكد من ميثاقيّة وأهداف الشّركة أو الطرف المُطوّر لأي تطبيق قبل تثبيته على جهازك كما يُمكنك أيضاً التّحقق من تضمّنه على سياسة خصوصيّة وقراءتها.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *