يبدو تصوير السماء معقدًا بعض الشيء لمن لا يعرف خفاياه. فالصور الملتقطة للسماء ليلًا، تشير روعتها إلا أن ملتقطيها هم مصورون يمتلكون من الخبرة ما يعد بالسنين ومئات المحاولات وآلاف الصور. وأنهم قد اتجهوا لاستعراض قوتهم في تصوير السماء ليلا بسبب الشهرة الواسعة التي يحظى بها هذا النوع من التصوير على الإنترنت.

ولكن الواقع والتجربة يؤكدان أن السبب في روعة هذه الصور وانتشار تصوير السماء ليلا بصورة عامة يرجع إلى انتشار الكاميرات الحديثة ذات الإمكانيات القوية والقدرة الكاملة على التحكم في هذه الإمكانيات.

تصوير القمر باحترافية … الدليل الكامل لالتقاط أفضل الصور الممكنة للقمر

وهو ما يشير أيضًا إلى أن تصوير السماء ليس بالأمر المعقد كما قد تظن، فيكفي امتلاكك لكاميرا قوية بإمكانية التحكم اليدوي في خصائصها، بالإضافة إلى المعرفة المسبقة بأساسيات ومبادئ التصوير، وأخيرًا التعرف على النصائح التي سنناقشها خلال هذا المقال.

نصائح لإتقان تصوير السماء ليلا

الاستعدادات اللازمة قبل تصوير السماء ليلا

لتتمكن من تصوير السماء ليلا والتقاط أفضل صورها، يكفيك أن تستخدم أي كاميرا يمكن التحكم في معدل حساسيتها للضوء ISO، فتحة مستشعرها وسرعة الشاتر، وفي هذه الحالة يمكنك استخدام كاميرا مدمجة بمستشعر بقطر 1 بوصة أو كاميرا احترافية فئة DSLR بأي مستشعر قوي، فلن تختلف النتيجة كثيرًا بين الحالتين طالما ستتمكن من تحديد الإعدادات المناسبة.

ولأن تصوير السماء يحتاج إلى الثبات قدر الإمكان لزيادة مدة التعرف للضوء، يجب الاعتماد على حامل ثلاثي قوي، بالإضافة إلى الاستعانة بزر شاتر عن بعد سواء كان سلكي أو لاسلكي، أو على الأقل الاعتماد على ميقاتي الكاميرا الذي قد يتراوح بين ثانيتين إلى 10 ثوان على حسب نوع الكاميرا المستخدمة.

من بين المعدات الهامة أيضًا وجود مصبح بوضع الإضاءة الحمراء لتتمكن من الحفاظ على وضوح الرؤية الليلية. وينصح أيضًا بتقليل سطوع شاشة الكاميرا الخلفية لتفادي الوهج الذي قد يؤدي إلى صعوبة رؤية الشاشة في الظلام.

تذكر أن فن تصوير السماء ليلا يعتمد أكثر على الإحساس بالكاميرا أكثر من التمكن من رؤية إعداداتها بوضوح. ويمكنك التدريب على هذا الأمر باستخدام الكاميرا في منزلك في الظلام والتعود على إعداد الكاميرا دون الحاجة للوجود في بيئة جيدة الإضاءة.

ابدأ رحلة احتراف تصوير المناظر الطبيعية مع هذه القواعد الأساسية والنصائح المبدئية

لا تنسى أن الخروج في مكان مفتوح في الظلام يحتاج منك إلى بعض الاستعدادات الشخصية مثل الملابس الثقيلة في الشتاء ومضادات الحشرات الطائرة في الصيف، بالإضافة إلى توفر مياه نقية وشراب بار أو ساخن على حسب الطقس.

إيجاد الموقع الأنسب

تصوير السماء ليلًا يعني التقاط صور لأجرام سماوية تبعد عنا بآلاف السنوات الضوئية. ولتتمكن من هذا ستحتاج إلى توفر عنصرين أساسيين، الأول هو السماء الصافية والثاني هو الظلمة. ولا يعني هذا أن التقاط الصور من داخل مدينة بنسبة تلوث طفيفة لن يجدي نفعًا، ولكنه أصعب إلى حد كبير.

يجب إذًا البحث عن موقع بعيد عن الإضاءات الصناعية، وهو ما يعني بالضرورة اختيار موقع بعيد نسبيًا عن تواجد البشر. وكما هو الحال في تفادي التلوث بأقل درجاته، يفضل أيضًا مراعاة حالة القمر في الليلة التي سيقع عليك اختيار تصويرها. حيث يفضل اختيار وقت بين أسبوع واحد قبل ميلاد القمر الجديد وحتى أيام قليلة بعده، وهي الفترة التي يضعف فيها ضوء القمر بين الغسق ومنتصف الليل.

بعد اختيار التوقيت والظروف الملائمة يجب التفكير في توليفة وتكوين إطار الصورة. يمكنك مثلًا إضافة القليل من العمق باختيار عناصر أمامية مثل الجبال أو الأشجار أو الأنهار والبحيرات التي ستسمح بانعكاس ضوء النجوم عليها مضيفة المزيد من التفاصيل الفنية إلى الصورة.

إعداد الكاميرا

السر وراء نجاح تصوير السماء ليلًا يكمن في إدخال أكبر قدر ممكن من الضوء من أكبر مساحة ممكنة من السماء. يعني هذا عمليًا، الاستعانة بأسرع وأوسع زاوية رؤية متوفرة للعدسة. وقد تكون عدسة ببعد بؤري يبلغ 10-22 مم بفتحة مستشعر f/4 كافية أو مرضية مثل عدسة Canon EF-S 10–22mm lens، ولكن أغلب المصورين المحترفين سيفضلون عدسات يمكنها الوصول إلى فتحة f/2.8 أو أقل.

أولًا قم بتحديد الكاميرا على الوضع اليدوي، وتأكد من أن التركيز التلقائي غير مفعل، وقم من خلال حلقة التركيز المدمجة في العدسة من التجربة والاختبار حتى الوصول إلى أقصى حدة ووضح ممكنة للنجوم، وهو الأمر الذي سيحتاج إلى بعض المحاولات قبل تحقيقه.

تدريبات يومية تساعدك على فهم أفضل لطبيعة التصوير الفوتوغرافي وتمكنك من احترافه

قم بتحديد توازن اللون الأبيض على وضع ضوء النهار أو إضاءة التنجستن، وحدد اختيار التصوير بصيغتي Raw وJPEG في الوقت نفسه.

مع وضع الكاميرا على الحامل الثلاثي قم بتوجيهها إلى السماء حيث الرقعة التي تود تصويرها. قم بتحديد إعدادات الكاميرا مبدئيًا على فتحة مستشعر f/2.8 ومعدل حساسية ISO 800 وسرعة شاتر 25 ثانية. من خلال شاشة الكاميرا قم بالتقريب لتتأكد من مدى حدة ووضوح النجوم، ويمكنك تحريك حلقة التركيز في العدسة عند الضرورة.

ثبت فتحة المستشعر وسرعة الشاتر وابدأ في اختبار معدلات حساسية أكبر مثل 1600 و3200 وأكثر في حالة ما إن كانت الكاميرا يمكنها الوصول إلى معدلات أكبر. ولكن تأكد من عدم وجود أي إضاءات صناعية حولك، ففي حالة وجود أي ضوء صناعي ستتسبب حساسية الضوء العالية إلى حدوث تشويش واضح في الصورة.

تصوير مجرة درب التبانة

تصوير المجرة هو أحد أشهر أهداف تصوير السماء ليلًا، وقد تظن أن الأمر أكثر تعقيدًا يحتاج إلى الكثير من الإعدادات، ولكن الحقيقة هي أن تصوير مجرة درب التبانة يعتمد في الأساس على اختيار التوقيت الأنسب أكثر من أي شيء آخر.

بينما تبدو مجربة درب التبانة أجمل في الشتاء، إلا أنها تقل من حيث قوة الألوان وعمقها عنها في الصيف. لذا يقع اختيار المصورين المحترفين على شهر أغسطس من أجل تصوير مجرة درب التبانة، حيث تقترب من الأفق الجنوبي بحلول منتصف الليل وهي ما يضيف إليها الكثير من الجمال. كما يمكن أيضًا تصويرها نهاية فصل الربيع قبل الفجر بقليل.

نصائح تمكنك من بيع الصور الفوتوغرافية التي تقوم بالتقاطها للمجلات ولشركات الدعاية

بالإضافة إلى التوقيت المناسب، ستحتاج إلى كاميرا بمستشعر 1 بوصة على الأقل، وهو ما يمكن الحصول علية من أي كاميرا مدمجة متقدمة مثل Panasonic Lumix ZS200 أو بالتأكيد من أي من كاميرات DSLR ذات الإطار الكامل مثل Nikon D850. قم أيضًا برفع الحساسية إلى ISO 6400 أو أعلى واستعد لقضاء بعض الوقت على أي من تطبيقات التحرير الاحترافية للتعديل على الصورة أيضًا فيما بعد.

قد يحتاج تصوير السماء ليلًا سواء في حالة تصوير النجوم أو المجرة، إلى وقت طويل نسبيًا، ولكنه كما اتضح لا يحتاج إلى الكثير من التقنيات أو الإعدادات، إنه الوقت والصبر والرؤية الإبداعية للمصور، وهذه العناصر هي الضمان الوحيد لالتقاط صور رائعة واستثنائية.