حرب الخصوصية والبيانات الشخصية – لماذا لم يعد فيسبوك “مجانيّ، وسيبقى مجاني دائماً.”

اكتشف وتسوق أفضل مجموعة من المنتجات التقنية وأسلوب الحياةواحصل على خصم 10% على طلبك الأول من متجر سماعة باستخدام الكوبون

TECH1

في شهر أغسطس من العام الجاري أزالت منصة فيسبوك من صفحتها الرئيسية العبارة الشهيرة التي عرّفت المنصة من أيامها الأولى “مجانيّ، وسيبقى مجاني دائماً” لتستبدلها بعبارة عديمة المعنى “يتميز بالسرعة والسهولة”. وعلى الرغم من أن الكثير من المستخدمين غير المطلعين على المشاكل القانونية التي مرت بها المنصة في الأعوام المنصرمة اعتقدوا أن هذا التغيير إشارة إلى خطة المنصة للتحول إلى منصة مدفوعة، إلا أن الأمر كان واضحاً جداً لمن يتابع هذه المشاكل.

فيسبوك لم تعد متأكدة من أنه يمكنها الدفاع عن ادعاء كون المنصة مجانية في المحكمة، وهذا بسبب التوجه المتسارع نحو قبول القيمة المادية للمعلومات الشخصية التي يقدمها المستخدمون للمنصة من طرف الحكومات، هذه القيمة المادية للبيانات التي تجمعها فيسبوك من المستخدمين تعني أن المنصة ليست مجانية في الحقيقة، وإنما هي مجرد منصة مدفوعة تقبل نوعاً آخر من وسائل الدفع.

تتوجه الحكومات نحو العالم اليوم إلى الدفاع عن بيانات مواطنيها كدفاعها عن أي شيء آخر يمتلكونه، فكما يجب على الحكومة الحفاظ على أمان منازل المواطنين وحمايتهم من السرقة والاستغلال، تتوجه الحكومات اليوم إلى الدفاع عن بيانات المستخدمين وحمايتها من السرقة والاستغلال، لأن هذه البيانات اليوم ربما تمتلك قيمة مادية أكبر بكثير من المقتنيات الفيزيائية.

السبب الذي أوصل شركات مثل فيسبوك وغوغل وغيرها من الشركات التي تعتمد على بيانات المستخدمين لتحقيق الأرباح إلى ما هي عليه اليوم من القيمة السوقية الهائلة والسيطرة على جوانب كاملة من حياة كافة البشر على وجه الأرض هو أن هذه الشركات ببساطة أدركت القيمة المادية لهذه البيانات قبل غيرها، وأنها أصبحت القائدة في مجال معالجة هذه البيانات واستغلالها بأفضل طريقة ممكنة.

الوصف المطلق اليوم على علم البيانات بأنه نفط القرن الواحد والعشرين هو وصف دقيق جداً، فكما استطاعت شركات النفط السيطرة على جزء كبير من حياة الناس وتحولت كل منها إلى كيان هائل عابر للحكومات والجنسيات، يمكننا ملاحظة النمط ذاته في شركات البيانات مثل فيسبوك وغوغل التي استغلت هذا المجال للتحول إلى كيانات مشابهة.

باختصار، بيانات الناس لها قيمة مادية، وأغلب الدول اليوم تعمل على حماية هذه البيانات والتأكد من أن مواطنيها يدركون هذا المفهوم – ليس فقط من خلال حماية البيانات بعد انتقالها ليد الشركات ومطالبة هذه الشركات في توفير خيارات آمنة لتخزين هذه البيانات أو حتى نقل بيانات المواطنين إلى داخل حدود البلاد لضمان عدم وقوعها في الأيدي الخاطئة، وإنما أيضاً من خلال إجبار هذه الشركات على تقديم تفسيرات وتنبيهات واضحة على ما يقدم عليه المواطن عند استخدام خدماتها، للتأكد من أن عملية تبادل المنافع بين الطرفين مفهومة تماماً.

هذه النقطة الرئيسية هنا هي النقطة الأهم التي يجب فهمها قبل الدخول والحديث عن الخصوصية، وكيف يختلف مفهومها وحتى مفهوم “الموافقة” من مكان لآخر، وهو موضوع هذا المقال.

فلنتحدث عن الخصوصية

كبداية، مفهوم الخصوصية أمر نسبي بالكامل، على سبيل المثال لو كان الأمر من منظور شخص مشككّ أو مؤمن بنظريات المؤامرة، فحتى طلب غوغل لاسمك الأول والأخير أثناء إنشاء الحساب هو أمر مثير للريبة ومخترق للخصوصية – بينما قد يرى شخص آخر أن الحديث عن علاقاته العاطفية على الانترنت أمام الكاميرا هو أمر طبيعي ولا خرق للخصوصية فيه.

الحديث عن مفهوم الخصوصية من منظور أيّ من هذين الشخصين أمر خاطئ تماماً. ولو أنه نادر الحدوث في كثير من الأحيان إلا أنه يظهر بشكل أو بآخر في نظرتين رئيسيتين شائعتين بين المستخدمين اليوم – يجب أن تتركهما في الخارج قبل الدخول في نقاش حول مفهوم الخصوصية كي تكون قادراً على بناء رأي دون “حل سريع” لا يحلّ المشكلة الرئيسية أصلاً.

وجهة النظر الشائعة الأولى، والتي يمتلكها العديد من المستخدمين العاديين وحتى بعض المهتمين بالتكنولوجيا تصاغ غالباً بطريقة مشابهة للتالي: “معلوماتي ليست بالأهمية التي تجعلني أهتم بالحفاظ على خصوصيتها، إن كانت غوغل ستتعقب تحركاتي بين المنزل والمدرسة، فلتفعل، ليس هناك شيء مثير للاهتمام بهذا الخصوص.”

هذا النوع من الأفكار مفهوم جداً في الوقت الحاليّ، مع الجهل المنتشر حول قيمة البيانات الشخصية، وعدم اكتراث الكثير من الناس حول التعلم عن هذه القيمة، يمكن فهم لجوء الكثير من المستخدمين إلى هذا الحل السريع، دون الدخول في النقاش الأكبر حول قيمة هذه البيانات، وهل هي برأيهم صفقة رابحة مقابل كل الخدمات التي تقدمها الشركة أم أنهم يفضلون الاحتفاظ بها واللجوء لخدمات أخرى.

النقطة هنا أن على المستخدم أن يدرك قيمة بياناته ويوافق بنفسه على استبدالها بقيمة أخرى – بدلاً من القول أن القيمة بذاتها ليست مهمة على الإطلاق. الاختلاف بين النقطتين السابقتين أن الأولى تتضمن الموافقة، بينما الثانية تتضمن رفضاً لوجود قيمة بالتالي رفضاً لقبول أن الشخص يقوم بعملية تتطلب هذه الموافقة بالأصل.

وجهة النظر الأخرى حول هذا شائعة أكثر بين المستخدمين الأكثر نشاطاً على الانترنت – بالأخص الأكثر نشاطاً سياسياً وتقنياً. يمكن تلخيص وجهة النظر هذه بأنها نظرية مؤامرة أقل غرابة من المعتاد، تدعو المستخدمين إلى الخوف من “الأخ الأكبر” المتمثل بشركات البيانات التي تجمع المعلومات عن المستخدمين وتستغلها في تحقيق الربح الماديّ. سواء كان الهدف من نشر الخوف هذا هو دفع المستخدمين إلى منصات أخرى، أو الضغط الحكومات لإنشاء قوانين تحد من هذا النوع من التجارة، أو ببساطة لتحقيق أهداف شخصية.

بالطبع، ليس كل الناشطين على الانترنت من النوع السابق، ولكنها أقلية صاخبة جداً تعمل على إيصال صوتها وأفكارها حول هذا الموضوع في كل فرصة، والمشكلة هنا ليس أنها كاذبة بالمطلق، فهناك الكثير من الحقائق التي قد تشعرك بأن فيسبوك وغوغل تتحول لأخ أكبر، أو أن منصات أخرى ستحمي خصوصيتك – ولكن المشكلة الرئيسية هنا أن هؤلاء الأشخاص لا يقدمون الحقيقة بأكملها للمستمعين، لنأخذ مثالاً بسيطاً على هذا من الأشياء التي قد تراها في الانترنت العربي – بعيداً عن الساحة العالمية (دون أسماء لتجنب الضجيج والتركيز على الأفكار).

يقوم أحد المدونين بالحديث حول الخوارزميات التي تمتلكها غوغل والتي تستطيع استخدام البيانات المتوفرة لديها من كافة التطبيقات والخدمات التي تقدمها، لتتوقع تفاصيل مختلفة عن حياتك – ومن ثم تبيع هذه التفاصيل للمعلنين بمبالغ عالية، لتتمكن من عرض الإعلان المناسب لك في الوقت المناسب كي تضمن تحويلك إلى مستهلك للسلعة.

وعلى الرغم من أن غوغل فعلاً تقوم بهذا، إلا أن تحويل الأمر إلى “عاطفية” وشكوكية بالمراقبة والتعقب والسيطرة على الحياة – وإشعار القارئ بأنه تحت مؤامرة، سيفصل القراء إلى طرفين متقابلين تماماً. الأول خائف وخاضع للنظرية، والآخر يستهزئ بها بسبب كمية المبالغات الموجودة فيها والتي لا تفسير فعليّ لها.

في المثال السابق، الحقيقة التي يجب ذكرها والتركيز عليها ليست أن غوغل تتحكم بحياة الناس وتدفعهم ليكونوا مستهلكين بطريقة درامية، وإنما التوضيح أن الهدف الأول والأخير لهذه الشركة هو تحقيق الأرباح، وأن الطريقة الأفضل لتحقيق الأرباح من خلال هذه البيانات هو السماح للمعلنين بالوصول إلى جزء منها للحصول على نتائج أفضل لحملاتهم الإعلانية.

المشكلة في الرواية التي يقدمها الكثير من المدونين وصناع المحتوى المرئي والمكتوب أنهم يتجاهلون حقيقة أن غوغل أحد أكثر الشركات حماية لبيانات مستخدميها – ولا مفاجأة في هذا كون هذه البيانات هي مصدر رزقها. غوغل لا تبيع معلوماتك الشخصية لأي شركة أخرى، ولا تسمح للمعلنين بالوصول إلى اسمك ومكان سكنك، غوغل تسمح للمعلنين بإيصال إعلاناتهم إلى فئات معينة من الناس بناء على هذه البيانات وليس إلى ملفات هؤلاء الناس.

هل هذا الأمر اجتياح لخصوصيتك؟ يعتمد هذا على تعريفك الخاص للخصوصية. هل هذا تسريب وكشف لهذه المعلومات لطرف ثالث؟ لا.

غوغل نفسها صرّحت مراراً أنه من غير الممكن لأي موظف مهما كان في الشركة أن يصل إلى “ملف” شخص ما في قاعدة البيانات، لان الأمر كله تلقائي من خلال خوارزميات، يمكنك التشكيك في هذا بالطبع ولكن طالما تضمن الشركة هذا، ويمكنك مقاضاتها لو كانت تكذب بهذا الشأن، ولا تمتلك دليلاً واضحاً على قيام الشركة فعلاً ببيع ملفات أشخاص بطريقة مباشرة لشركات أخرى – لا يمكنك تكذيب هذا التصريح بالكامل. يمكنك رفضه والانتقال لخدمة أخرى ودعوة الناس للانتقال لخدمات أخرى، ولكن لا إثبات ما تقوله.

باختصار، كل من الطرفين السابقين يتجاهل نقاطاً رئيسية عن الحديث عن الخصوصية: سواء كان الأمر متعلقاً بالموافقة وقيمة البيانات أو كان متعلقاً بالأمان والطريقة التي يتم فيها استثمار هذه البيانات وتعريف الخصوصية الذي يجب رسم الحدود عنده.

أهمية الموافقة

الموافقة بأبسط مفاهيمها هي العقد الذي يحدد ما سيتم تبادله بين البائع والمشتري، عندما تدخل إلى متجر على سبيل المثال، توافق بشكل واضح على تقديم أموالك لمالك المتجر لتحصل على السلعة، الموافقة هنا جاءت بشكل مد اليد الإرادي والتخلي عن المال وقبول السلعة والخروج من المتجر دون ضغط أو تهديد.

في المجال التقني الموافقة تمتلك بنية أكثر تعقيداً قليلاً، على عكس التعاملات البشرية المباشرة لا يمكن فهم الموافقة من خلال التصرفات – ما يعني أن على الشركات أخذ الحيطة والحذر وتغطية كافة الاحتمالات القانونية وتضمينها في عقد يوافق عليه المستخدم قبل استخدام برامجها أو خدماتها. وهذه الممارسة أمر شائع منذ بداية انتشار الحواسيب الشخصية.

تحمل برنامجاً وتضغط على “أوافق” عند صفحة رخصة الاستخدام، تسجل في موقع وتنقر مربع “أوافق على سياسة الخصوصية وشروط الاستخدام” قبل أن ترسل فورم التسجيل. وفي 99% من الأحيان لا تقرأ فعلاً ما في هذه العقود، لأنها طويلة ومصاغة بطريقة قانونية خزعبلاتية لا يمكنك فهمها.

الحق يقال، هناك توجه كبير من طرف الحكومات والشركات على حد سواء لدفع سياسات الخصوصية وشروط الاستخدام والعقود الطويلة لتصبح أقل طولاً وأكثر قابلية للفهم من المستخدم العاديّ، ولكن الموافقة دون القراءة أصبحت جزءً من ثقافة الانترنت وهو ما يجعل الاختلاف بين آراء الناس حول مفهوم الموافقة على الانترنت أمراً شائعاً.

بعض الناس يعتقدون أن قراءة العقد من مسؤولية الشخص نفسه، وأن موافقته ولو لم يكن يعلم ما في داخل العقد صالحة، وليس من واجب الشركة أو الحكومة إخطاره أو حمايته، بينما يعتقد آخرون أن من واجب الدولة حماية المواطن من جهله ومنع الشركات من إدارج شروط مجحفة ضمن هذه العقود. ومهما كان رأيك بهذا الخصوص فلا مشكلة، الأمر مجرد اختلاف وجهات نظر. ما يمكن الاتفاق عليه فعلاً أن هذا الجهل لا يمكن حلّه بالمطلق بأي من الأسلوبين السابقين وإنما من خلال التعليم والتوعية التقنية، وهو موضوع لوقت آخر.

أمر مهم آخر بخصوص الموافقة على بيع البيانات هو أنها مختلفة بشكل محوري عن الكثير من البضائع الأخرى التي يمكن بيعها. على سبيل المثال إن قدمت لغوغل موافقة على جمع بياناتك ومعالجتها وقامت الشركة باستغلال هذه البيانات واستنتاج معلومات أخرى حولك، هل موافقتك على استخدام البيانات السابقة تقتضي موافقتك على التوقعات القادمة منها؟

يمكن الإجابة على السؤال السابق من زاويتين مختلفتين، الأولى أن البيانات مثلها مثل أي سلعة أخرى، يمكن أن تبيعها بمبلغ معين لتقوم شركة باستثمارها وبيعها بمبلغ أعلى، كالمزارع الذي يبيع الحليب لشركة الأجبان التي تحوله وتبيع مشتقاته بسعر أعلى.

الزاوية الثانية يمكن النظر للبيانات فيها على أنها جزء من كتاب ضخم، يمكن للكاتب أن يوافق على قراءة جزء من هذا الكتاب ونسخه دون البقية، إن قام المشتري بنسخ الجزء المسموح ومن ثم توقع بقية الكتاب من خلال خوارزمية خارقة لإعادة تشكيل المحتوى الموجود فيه دون الحاجة للكتاب الأصلي، فهذا لا يزال اختراقاً لحق الكاتب في كتابه، لأن المعلومات القادمة من الخوارزمية ليست انتاجاً ابداعياً من الشركة، وإنما محاولة لنسخ العمل الأصلي.

مجدداً يمكنك الاقتناع بأي من الزاويتين فالأمر مجرد اختلاف وجهات نظر. وبالطبع، كلا الطرفين مقتنع تماماً أن جمع البيانات دون موافقة المستخدم على الإطلاق أو بعض رفض جمعها من طرف المستخدم هو أمر خاطئ تماماً ويجب أن تعاقب عليه هذه الشركات.

من يحدد سعر البيانات؟

عند الحديث عن تحديد الأسعار تدخل السياسات الاقتصادية للدول من الباب، بعض الدول ترفض التدخل في أسعار الأسواق تماماً وهذا ما يضع عبء تحديد سعر البيانات وقيمتها على البائع والمشتري، أي المستخدم والشركة – ولكن مع الجهل المنتشر حول قيمة البيانات هل هذا التصرف صحيح أم لا؟ وهل على الدول التدخل فيه أم لا؟ لكل وجهة نظر ميزاتها وسلبياتها، كحماية المواطن وتدخل الدولة، او دفع عجلة التقدم نحو الأمام وحصر قوة الدولة في مواقف معينة.

ستظهر السنوات القادمة الكثير من النقاشات حول هذا المفهوم مع انتشار تجارة البيانات أكثر وأكثر، وقد نرى تشريعات خاصة، قد تفسر عملية بيع البيانات وقيمتها بطريقة قانونية أفضل تسهل على المواطن والدولة والشركات المستثمرة فهم هذه القيمة.

الأمان لا يعني الخصوصية

الخلط بين الأمان والخصوصية عند الحديث عن بيانات المستخدمين على الانترنت أمر شائع جداً؛ الخصوصية تمتلك العديد من التعريفات وهي خاضعة لوجهة نظر الشخص نفسه – أضف لهذا أن ما يعتبر خاصاً لنفس الشخص عند الحديث مع شخص غريب، قد لا يعتبر خاصاً عند الحديث مع أحد الأصدقاء، أو فرد في العائلة… ما يعتبر اعتيادياً من المعلومات التي يقدمها المواطن لدولته كالعمر ومكان السكن، يمكن أن يكون خاصاً بنظره عند الحديث مع شركة أو بائع محليّ، فالاختلاف بين دوائر الخصوصية لا يقتصر فقط على الأفراد وإنما على الجهات الرسمية والشركات أيضاً.

ما يجعل الكثير من الناس يأتمن شركة الكهرباء على معلوماته الشخصية أكثر من موقع عشوائي على الانترنت أن شركة الكهرباء تهتم بأمان بيانات المواطنين كونها خاضعة لنظام البلاد بشكل مباشر – على الرغم من حساسية المعلومات التي يجب على المواطن تقديمها لهذه الشركات من الاسم وحتى العنوان ورقم الهاتف، يبقى هناك شعور بالأمان اتجاه هذه الشركة كونها تحت طائل المسؤولية بنظر القانون، بينما ينعدم الشعور بالأمان عند الحديث عن شركة في دولة مختلفة، حتى لو كانت المعلومات المذكورة هنا مجرد اسم ومعلومات عامة عن الشخص.

إضافة لهذا، الشركات التي تمتلك تاريخاً مخجلاً من ناحية الاختراقات الأمنية موثوقة بشكل أقل من طرف المستخدمين مقارنة بتلك التي تهتم بحماية البيانات الموجودة على سيرفراتها… الشركات التي تمنع موظفيها من الوصول إلى المعلومات بشكل تعسفي موثوقة أكثر من تلك التي تسمح للموظفين بتصفح قواعد البيانات كجريدة الصباح.

المغزى هنا ان الأمان لا يرتبط بالخصوصية في كثير من الأحيان، بل بقدرة الشركة على إبعاد الأيدي الخاطئة عن هذه البيانات – المستخدمون قد لا يكترثون بنوع البيانات المخزنة على سيرفر ما، ولكن مجرد أنها متاحة لأشخاص عشوائيين سيجعل الثقة بالشركة تنخفض، تماماً كفضيحة فيسبوك مع تطبيقات الطرف الثالث التي قامت بجمع بيانات المستخدمين، على الرغم من أن الإحصائيات والمعلومات التي تم جمعها هي معلومات متوفرة على المنصة بشكل عام، إلا ان المستخدمين لم يفضلوا سرقتها من المنصة دون موافقتهم – كان على فيسبوك حماية هذه البيانات من هذا النوع من الهجمات، ولم تفعل، وهذا ما سبب الضجة الكبيرة.

فيسبوك وغيرها من شركات البيانات اليوم بدأت تدرك أن عهد استثمار البيانات دون عاقبة قد انتهى، الأمان، موافقة المستخدمين، وتدخل القانون والحكومات المباشر في آلية عمل هذه الشركات مواضيع مهمة ستبقى ضمن دائرة النقاش في السنوات القادمة، وسيكون على هذه الشركات حل هذه المشكلة دون أن تخسر مصدر دخلها الرئيسي.

اعتراف فيسبوك بأنها ليست مجانية، وأنها لم تكن مجانيةً قط، هو مجرد البداية، ولنأمل أن النهاية لهذه القصة ستكون سعيدة للجميع. في الوقت الحالي، امتلاك رأي بهذا الخصوص وتعلم المزيد عن تفاصيل عمل هذه الشركات التي تشكل جزءً ضخماً من حياتنا وتعليمها للآخرين قد تكون فكرة جيدة جداً لمن يرغب فهم حقوقه بشكل أكبر.

في النهاية، ما الذي تعتقد أن على الحكومات والدول القيام به لحماية المواطنين؟ وهل برأيك هذه الشركات بحاجة لحمل مسؤولية أكبر في توعية المستخدمين – أم أنه من حقها فعل ما تشاء طالما كان الأمر برضى المستخدم وتحت غطاء القانون؟ شاركنا رأيك ووجهة نظرك في التعليقات!

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *