تقنية الهولوجرام … طبيعتها وتقنياتها وأهم تطبيقاتها

منذ أن تخيلها الكاتب الروائي الكبير “جول فيرن” عام 1893، أصبحت تقنية الهولوجرام حلماً من أحلام الخيال العلمي تم تخيله في العديد من الأعمال الفنية مثل أحد أجزاء سلسلة حرب الكواكب منذ قرابة 40 عاماً، ولكن كما كان السفر إلى القمر والفضاء، كانت أيضاً الطائرات وحتى الساعات الذكية وغيرها أحلاماً من الخيال العلمي يوماً ما قبل أن تصبح حقيقة ملموسة نلمسها يومياً، أصبحت أيضاً تقنية الهولوجرام حقيقة يبدأ اكتشافها بمجرد النظر إلى محافظنا الشخصية.

إذا قمت الآن بإخراج محفظتك من جيبك ونظرت إلى بطاقة الهوية أو البطاقات الائتمانية، ستكتشف أن تقنية الهولوجرام أقرب إليك مما كنت تتصور، فكافة هذه البطاقات وغيرها تتضممن شكلاً من الأشكال الأساسية من الهولوجرام والمعروف باسم الهولوجرام الانتقالي والذي يعمل على عكس الإضاءة خلاله ليقوم بتغيير الصورة طبقاً لتغيير اتجاه الإضاءة واتجاه رؤية الشخص.

تمتد تقنية الهولوجرام من هذه الاستخدامات الأساسية المنتشرة إلى استخدامات وتطبيقات أكثر تعقيداً، لتتمكن من اقتحام العديد من المجالات المختلفة والمتباينة، فلقد أصبح من الممكن رؤية هذه التقنيات في التطبيقات العسكرية والطبية والعلمية وأيضاً الترفيهية، ومن خلال هذا المقال سنستعرض أهم وأبرز تطبيقات تقنية الهولوجرام مع إلقاء نظرة سريعة على مستقبل هذه التقنية، ولكن بداية دعونا نلقي نظرة أولية على تاريخها وكيفية عملها.

تاريخ وحقيقة تقنية الهولوجرام

بدأ تطوير تقنية الهولوجرام عام 1962 نتيجة التعاون بين “يوري دينيسوك” من الاتحاد السوفيتي “روسيا الحديثة” وبين عالمين من جامعة ميشيغن الأمريكية هما “إيميت ليث” و”جوريس أوباتنيكس”، وقد تمكن العلماء الثلاثة من تطوير تقنية ليزرية يمكنها تسجيل الأشياء بأبعاد ثلاثية، وعلى الرغم من أن الناتج لم يكن مثالياً إلا أنه كان البداية الأساسية والنواة التي تم تطويرها للوصول إلى التطبيقات الحديثة المتطورة لهذه التقنية.

 كما ذكرنا، فإن تطبيقات الهولوجرام أقرب إلينا مما كنا نتصور، ولكن هذا التطبيق الأمني والمتمثل في استخدام التقنية في حماية وثائقنا الهامة، لا يعد بالتأكيد أبرز تطبيقات هذه التقنية حيث لا يعمل سوى على إنتاج انعكاسات تعمل على تغيير الشكل أو الإضاءة عند إمالتها أو النظر إليها من زوايا مختلفة.

اقرأ أيضاً: افضل اللابتوبات الرخيصة

التطبيقات الأكثر إثارة هي ذات التطبيقات الكبرى والتي تعتمد على أشعة الليزر وانعكاساتها سواء في الغرف المظلمة مع الاستخدام المحكم للإضاءة، وتعتمد هذه التطبيقات على سطحين بعديين أساسيين يعملان على تكوين صورة ثلاثية الأبعاد دقيقة وقريبة من الواقع دون الحاجة لارتداء نظارات خاصة مثل تلك التي نرتديها عند مشاهدتنا للأفلام السينمائية ثلاثية الأبعاد.

كيفية عمل تقنية الهولوجرام

لتسجيل الهولوجرام يتم تصوير العنصر المراد تصويره سواء كان شخصاً أو أي شيء آخر في بيئة نقية من خلال أشعة الليزر، ثم بعد ذلك إضافة البيانات التي تم تسجيلها إلى وسيط تسجيل يعمل على توضيح الصورة وتنقيتها، ويمكن من خلال هذا الفيديو مشاهدة توضيحية أكثر لهذه التقنية:

عند التصوير يتم فصل أشعة الليزر إلى اثنين يتم إعادة توجيههما من خلال المرايا، الأشعة الأولى يتم إسقاطها مباشرة على العنصر المراد تصويره ليتم تسجيل كم الإضاءة المنعكس من على هذا العنصر على وسيط التسجيل، أما الأشعة الثانية فيتم توجيهها إلى وسيط التخزين نفسه، ومن خلال الوسيط يتم تقاطع هذه الأشعة لتقوم بطباعة وتسجيل الصورة ثلاثية الأبعاد على الوسيط ليتم استخدامها فيما بعد.

النوع الآخر من أنواع الهولوجرام هو ثلاثي الأبعاد المخصص لتقنية الواقع المعزز، وتعمل هذه التقنية على إظهار عناصر ليست موجودة بالفعل ولكنها تبدو كذلك من خلال النظر إليها عبر وسيط مثل النظارات المخصصة لذلك أو شاشات الهواتف الذكية، ويمكن اختبار هذه التقنية من خلال نظارات HoloLens من مايكروسوفت أو من خلال تطبيقات ARKit الخاصة بآبل وتطبيقات ARCore الخاصة بقوقل.

تطبيقات تقنية الهولوجرام الأكثر تطوراً

استخدام البلازما الهوائية

لنتمكن من رؤية الهولوجرام علينا أن نعتمد على وسيط رؤية معين سواء كان زجاجاً أو دخاناً أو وسيطاً مائياً لنتمكن من الرؤية من خلال انعكاس الإضاءة من على هذا الوسيط، ولكن ما قامت به شركة Aerial Burton سيقلب هذه القاعدة رأساً على عقب من خلال تطوير ثوري للتقنية حيث تمكنت الشركة من تطوير تقنية ليزرية يمكنها تأيين الهواء وتحويله إلى بلازما يمكن من خلالها عرض الصورة ثلاثية الأبعاد في الهواء دون الحاجة لوسيط آخر.

على الرغم من أن التطبيق الفعلي لهذه التقنية يبدو بدائياً بشكل واضح حتى الآن، إلا أنها تمثل نقلة نوعية في مستقبل هذه التقنية، وهو ما يمكن وصفه بمستقبل تقنية الهولوجرام، وهو ما يوضحه هذا المقطع بشكل جليّ.

تطبيقات Digital Resurrection

يعتبر هذا التطبيق من تطبيقات الهولوجرام الأكثر إبهاراً والأكثر شيوعاً على المستوى الترفيهي وقد شاهدناه في عدة لحظات استثنائية أبرزها ظهور المغنيين الراحلين توباك ومايكل جاكسون، وشاهدناها مؤخراً في حفل أم كلثوم الذي أقيم في السعودية.

تمتلك شركة MDH Hologram السبق في تطوير هذه التقنية وتحسينها وجعلها أكثر واقعية واستخدامها فيما بعد في الاستخدامات الترفيهية التي تمثلت في حفلات موسيقية عديدة، وتعتمد هذه التقنية على تقنية التقاط حركة متطورة عالية الجودة مع استخدام التصميمات ثلاثية الأبعاد عبر الحاسوب لتصميم الشخص كلياً ثم عرضه من خلال زجاج رفيع للغاية وعالي الشفافية.

الهولوجرام بواسطة الإضاءة متعددة الألوان

تعتمد هذه التقنية على استخدام المراوح المدمجة لإضاءة RGB متعددة الألوان عالية الجودة يمكنها تغيير ألوانها في أجزاء من الثانية، ومع حركة هذه المراوح بالسرعات الصحيحة يمكنها أن تقوم بإنشاء صور ثلاثية الأبعاد عالية الجودة. هذا هو أساس هذه التقنية التي تم تطويرها من خلال جاهز يسمى The Hypervsn القادر على إنتاج صور ثلاثية الأبعاد عالية الجودة بطول يصل إلى 3 أمتار.

تقنية مجال الإضاءة

اعتمدت هذه التقنية في السابق على زجاج دائري يمكن أن يعرض صوراً ثلاثية الأبعاد بالنظر إليه من اتجاه محدد، وكباقي التطبيقات تطورت هذه التقنية مع الاستفادة من مميزات شاشات LCD والتي مكنت المطورين من تطوير جهاز مثل HoloPlayer One والقادر على إرسال 32 رؤية لمشهد محدد وفي اتجاهات محددة في وقت متزامن، وهو ما ينتج ما يعرف باسم “مجال الإضاءة” ويعمل هذا الجهاز على إمكانية التفاعل مع العناصر التي ينتجها بشكل قريب من الواقع للغاية.

هولوجرام الطاولات الرقمية

إن كنت قد شاهدت سلسلة أفلام Avengers أو Iron Man فبالتأكيد قد لاحظت الطاولة الرقمية التي يستعين بها “توني ستارك” والتي تتضمن أزراراً وصوراً وأيقونات طائرة في الهواء، ربما يكون هذا التطبيق بهذه الصورة خيالياً بعض الشيء ولكننا قد اقتربنا من تحقيق هذا الخيال بعد أن تمكن فريق من كوريا الجنوبية من اتخاذ خطوة هامة في سبيل تحقيقه من خلال إنشاء أول هولوجرام في العالم يمكن رؤيته بزاوية 360 درجة بشكل متزامن من خلال استخدام مجموعة من أشعة الليزر عالية القوة متعددة الألوان مع الاستعانة بمرايا تدور بسرعة عالية للغاية، وقد تمكن هذا الفريق من بناء هذه التقنية على طاولة في إشارة لإمكانية تحويل طاولة توني ستارك من حلم إلى حقيقة.

هناك العديد من تطبيقات تقنية الهولوجرام الأخرى التي يتم تطويرها من خلال عشرات الفرق البحثية والابتكارية حول العالم، وهو ما يدلل على أن مستقبل هذه التقنية لا يزال يحمل الكثير من التطوير والكثير من المفاجآت، ناهيك عن التطبيقات العملية لهذه التقنية التي تتراوح بين الترفيه وبين الاستخدامات العلمية والفلكية والطبية والعسكرية أيضاً، ومن هنا يتضح لنا أن تقنية الهولوجرام قد تساهم وبشكل كبير في تطوير الحضارة البشرية وتغيير كيفية تعاملنا مع العالم من حولنا.

اقرأ أيضاً: تعرف على كرت شاشة rtx 2060