مساء غدٍ السابع والعشرين من شهر يوليو يدخل القمر في أطول مرحلة خسوف كلي في القرن الواحد والعشرين، وهي الظاهرة التي ستظهر واضحة في قلب السماء في عدد كبير من دول العالم لتتيح إمكانية تصوير خسوف القمر بوضوح قد لا يتكرر على مدى سنوات طويلة قادمة.

خلال هذه الظاهرة الفريدة سيتحول القمر بين اللون البرتقالي والأحمر إلى ما يزيد عن ساعة، وهو ما سيجعل تصوير خسوف القمر هذه المرة أسهل من ناحية وأكثر تميزًا من ناحية أخرى، وهي الفرصة التي لا يجب تفويتها خاصة وأن تصوير خسوف القمر لا يحتاج إلى معدات معقدة إضافية مثلما هو الحال مع كسوف الشمس ذو المدة القصيرة وصعوبة التصوير.

النصائح الأساسية لاحتراف تصوير السماء ليلا … التقاط أفضل صور المجرة والنجوم

واليوم وقبيل انطلاق هذه الظاهرة الفريدة، سنستعرض سويًا دليل تصوير خسوف القمر كاملًا وبالتفصيل بداية من التعرف على طبيعة هذه الظاهرة وصولًا إلى المعدات المطلوبة وإعدادات الكاميرا اللازمة لتصويرها.

دليل تصوير خسوف القمر

طبيعة ظاهرة خسوف القمر

يحدث الخسوف الكلي للقمر عندما يتحرك القمر ناحية ظلال الأرض الأكثر ظلمة المنعكسة في الفضاء. وتحدث هذه الظاهرة فقط في حالة اكتمال القمر أو ما يُعرف بمرحلة البدر الكامل، عندما تقف الأرض في المنتصف تحديدًا بين الشمس والقمر.

وبرغم أن القمر يمر بمرحلة البدر الكامل كل 29 يوم، إلا أن حالة الخسوف تلك لا تحدث كل شهر بسبب المدار غير المستوى المائل قليلًا الذي يتخذه القمر حول الأرض، وهو ما يجعل مروره بظلال الأرض أمر قليل الحدوث، وبمروه جزئيًا بهذه الظلال يحدث الخسوف الجزئي وهي ظاهرة أكثر شيوعًا عن الخسوف الكلي الذي سيحدث غدًا.

ومع دخول القمر إلى منطقة ظلال الأرض المظلمة، يبدأ لون إحدى حواف القمر في التحول إلى لون بين البرتقالي والبني، ليتحول إلى اللون الأحمر شيئًا فشئيًا مع اقتراب الظاهرة من ذروتها. وبمجرد دخول القمر كليًا إلى منطقة الظلال الداكنة يتحول لونه إلى الأحمر الداكن بشكل كامل بسبب انعكاس ضوء الشمس عليه من خلال الغلاف الجوي المظلم للأرض.

ولأننا نرى ضوء الشمس باللون الأحمر بسبب انتقال أشعة الضوء عبر الغلاف الجوي للأرض، يتحول لون القمر إلى الأحمر للسبب ذاته.

أين يمكن رؤية الخسوف الكلي للقمر؟

على عكس الكسوف الكلي للشمس والذي يظهر في مناطق محدودة ولمدة دقائق قليلة للغاية، يمكن رؤية الكسوف الكلي للقمر بسهولة ومن أغلب مناطق العالم التي ستشهد الليل لحظة حدوث الظاهرة. وتتضمن هذه المناطق مساحات واسعة من قارات أوروبا، إفريقيا وأسيا.

أما عن وضوح هذه الظاهرة من عدمه فيعتمد بشكل رئيسي على مدى ودرجة صفاء السماء وقت حدوث الظاهرة، وهو ما يختلف بالطبع من دولة لأخرى. ولكن أغلب التقارير تشير إلى أنه سيكون من السهل متابعة الظاهرة بالكامل من دول الشرق الأوسط متضمنة مصر والإمارات والسعودية وغيرها.

مراحل ظاهرة الخسوف الكلي للقمر

تبدأ الظاهرة في السابعة والربع مساء بتوقيت القاهرة التاسعة والربع بتوقيت الإمارات، حين يدخل القمر إلى منطقة شبه الأرض، وهي المرحلة التي لا يمكن رؤيتها بالعي المجردة. وعد الثامنة وأربع وعشرين دقيقة بتوقيت القاهرة العاشرة وأربع وعشرين دقيقة بتوقيت الإمارات تبدأ المرحلة الثانية وهي مرحلة الخسوف الجزئي وهنا يمكن ملاحظة إظلام حواف القمر وبعض مناطقه.

في التاسعة والنصف مساء بتوقيت القاهرة الحادية عشرة ونصف مساء بتوقيت الإمارات تبدأ مرحلة الخسوف الكلي حيث يتحول لون القمر إلى الأحمر النحاسي، وتصل الظاهرة إلى ذروتها بحلول الساعة العاشرة و22 دقيقة بتوقيت القاهرة الثانية عشر و22 دقيقة صباحًا بتوقيت الإمارات، لتنتهي الظاهرة بحلول الحادية عشرة و13 دقيقة بتوقيت القاهرة الواحدة و13 دقيقة بتوقيت الإمارات.

هل يحتاج تصوير خسوف القمر إلى معدات خاصة؟

على عكس الكسوف الكلي للشمس الذي يحتاج إلى نظارات خاصة للبشر ومرشحات خاصة للكاميرات، لا يحتاج تصوير خسوف القمر إلى أية معدات استثنائية أو خاصة. فقط يحتاج إلى كاميرا جيدة وعدسة بتقريب بصري أو تيليسكوب.

تدريبات يومية تساعدك على فهم أفضل لطبيعة التصوير الفوتوغرافي وتمكنك من احترافه

كيفية تصوير خسوف القمر والإعدادات الخاصة بالكاميرا

التحدي الأكبر في تصوير خسوف القمر هو إيجاد السماء الأكثر صفاء للسماح بظهور القمر في أفضل وأوضح حالاته. ويمكن الاستعانة بتطبيقات مثل PhotoPills أو The Photography Ephemeris للتخطيط للصورة حيث تستطيع هذه التطبيقات تحديد حالة الطقس ومدى وضوح وصفاء السماء في المناطق المحيطة بك.

يُترك لك اختيار المنظر الجمالي الذي سيُكمل الصورة، مثل اختيار تصوير خسوف القمر بين المباني أو الأشجار، أو الاقتراب من بحر أو نهر أو بحيرة للتمكن من الاستفادة بانعكاسه على سطح المياه وهو ما سيضيف بعدًا فنيًا للصورة.

اختيار العدسة الأنسب

بينما يمكن تصوير المناظر الطبيعية بأي من العدسات عريضة الزاوية، يفضل استخدام عدسة مقربة لتتمكن من تصوير خسوف القمر خاصة في مرحلة تحوله إلى اللون الأحمر، وننصح هنا باختيار أي عدسة ببعد بؤري أكثر من 200 مم، مع العام أن العدسات ببعد بؤري 400 مم هي الاختيار النموذجي في هذه الحالة.

يفضل أيضًا وضع الكاميرا على حامل تثبيت ثلاثي بالإضافة إلى مجموعة من العوامل المساعدة الأخرى التي يمكنكم الاطلاع عليها من خلال مقال سابق استعرضنا فيه فنون وكيفيات تصوير القمر وتصوير السماء ليلًا.

سرعة الشاتر

العنصر الرئيسي في تصوير خسوف القمر بنجاح هو سرعة الشاتر. فبسبب دوران القمر حول الأرض بسرعة تبلغ حوالي 3682 كيلومتر في الساعة، ودوران الأرض حول نفسها بسرعة تزيد عن ألف كيلومتر في الساعة باختلاف موقعك من الكرة الأرضية، يصبح التحدي هو تفادي تشويش وتمويه الصورة بسبب هذه الحركة للقمر والأرض، مما يعني اختيار سرعة شاتر عالية.

هنا ننصح بعدم ضبط سرعة الشاتر على سرعة أقل من 1/100 ثانية، مع الحفاظ على معدل الحساسية ISO بين 200 إلى 800 مع إمكانية زيادته قليلًا مع زيادة ظلمة السماء في أعقاب ذروة الظاهرة.

مصطلحات التصوير الفوتوغرافي الأكثر أهمية وشيوعًا للمبتدئين في عالم التصوير الرقمي

أما فتحة المستشعر فيفضل أن تكون أضيق من المعتاد في حالة وصول الظاهرة إلى ذروتها، مع زيادتها إلى f/4 أو f/2.8 في حالة دعم عدستك لهذا المعدل مع قرب انتهاء الظاهرة. ولأنه يصعب تحديد مدى وضوح القمر خلال مختلف مراحل الخسوف، يُفضل ضبط الكاميرا على الوضع اليدوي لإعادة ضبط إعداداتها بسهولة كلما تطلبت الحاجة.

باتباع هذا الدليل ستتمكن من تصوير خسوف القمر القادم باحترافية وستتمكن من التقاط صور رائعة سنسعد بأن تشاركا إياها على حساباتنا المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي.